الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.وفاة أبي الغازي وملك بنيه من بعده. ثم توفي أبو الغازي بن ارتق صاحب ماردين في رمضان سنة ست عشرة وخمسمائة فولى بعده بماردين ابنه حسام الدين تمرتاش وملك سليمان ميا فارقين وكان بحلب سليمان ابن أخيه عبد الجبار فاستولى عليها ثم سار مالك بن بهرام بن ارتق إلى مدينة حران فحاصرها وملكها وبلغه أن سليمان ابن عمه عبد الجبار صاحب حلب قد عجز عن مدافعته الافرنج وأعطاهم حصن الاماري فطمع في ملك بلاده وسار إليها في ربيع سنة ست عشرة وملكها من يده على الامان ثم سار سنة ثمان عشرة إلى منبج وحاصرها وملك المدينة وحبس صاحبها حسان التغلببي وامتنع أهلها بالقلعة فحاصرها وسمع الافرنج بذلك فساروا إليه فترك على القلعة من يحاصرها ونهض إليهم فهزمهم وأثخن فيهم وعاد إلى منبج فحاصرها وأصابه بعض الايام سهم غرب فقتله فاضطرب العسكر وافترقوا وخلص حسان من محبسه وكان تمرتاش بن أبي الغازي صاحب ماردين معه على منبج فلما قتل حمل شلوه إلى حلب ودفنه بها واستولى عليها ثم استخلف عليها وعاد إلى ماردين وجاء الافرنج إلى مدينة صور فملكوها وطمعوا في غيرها من بلاد المسلمين ولحق بهم دبيس بن صدقة ناجيا من واقعته مع المسترشد فأطمعهم في ملك حلب وساروا معه فحاصروها وبنوا عليها المساكن وطال الحصار وقلت الاقوات واضطرب أهل البلد وظهر لهم العجز من صاحبهم ولم يكن في الوقت أظهر من البرسقي صاحب الموصل ولا أكثر قوة وجمعا منه فاستدعوه ليدافع عنهم ويملكوه وشرط عليهم أن يمكنوه من القلعة قبل وصوله ونزل فيها بوابه وسار فلما أشرف على الافرنج ارتحلوا عائدين إلى بلادهم وخرج أهل حلب فتلقوا البرسقي فدخل واستولى على حلب وأعمالها ولم تزل بيده إلى أن هلك وملكها ابنه عز الدين ثم هلك فولى السلطان محمود عليها أتابك زنكي حسبما يأتي في أخبار دولته ورجع تمرتاش إلى ماردين واستمر ملكه بها وكان مستوليا على كثير من قلاع ديار بكر ثم استولى سنة اثنتين وثلاثين على قلعة الساج من ديار بكر ثم استولى سنة اثنتين وثلاثين على قلعة الساج من ديار بكر وكانت بيد بعض بني مروان من بقايا ملوك الاولين وكان هذا آخرهم بهذه القلعة وكان ملك ميا فارقين قد سار لحسام الدين تمرتاش وملكها من يد أخيه سليمان ولم يزل تمرتاش ملكا بماردين إلى أن هلك سنة سبع وأربعين وخمسمائة لإحدى وثلاثين سنة من ملكه والله تعالى ولى التوفيق..وفاة تمرتاش وولاية ابنه البي بعده. ثم توفي حسام الدين تمرتاش سنة سبع وأربعين وخمسمائة كما قلناه فملك بعده ابنه بماردين البي تمرتاش وبقي ملكا عليها إلى أن مات وولى بعده ابنه أبو الغازي بن البي إلى أن مات ولم يذكر ابن الاثير تاريخ وفاتهما وقال مؤرخ لم يقع الي تاريخ وفاتهما..ولاية حسام الدين بولق ارسلان بن أبي الغازي بن البي. ولما توفي أبو الغازي بن البي قام بأمر ملكه نظام الملك النقش ونصب للملك مكانه ابنه بولق ارسلان طفلا واستبد عليه وكان النقش غالبا على هواه حيث صار أمر الطفل في يده ولم تزل حالهم على ذلك إلى أن هلك حسام الدين في سنة خمس وتسعين وخمسمائة على عهد بولق وكناه ابن الاثير حسام الدين ناصر الملك قصد العادل أبو بكر ابن أيوب ماردين وخشيت ملوك الجزيرة ولم يقدروا على منعه ثم توفي العزيز بن صلاح الدين صاحب مصر وولى أخوه الافضل فاستنفر العادل أهل مصر ودمشق وأهل سنجار وبعثهم مع ابنه الكامل وحاصروا ماردين فبعث إليه النقش المستولي على بولق بالطاعة وتسليم القلعة لاجل معلوم على أن يدخل إليهم الاقوات ووضع العادل ابنه على بابها أن لا يدخلها زائد على القوت فصانعوا الولد بالمال وشحنوها بالاقوات وبينما هم في ذلك جاء نور الدين صاحب الموصل لانجادهم وقاتلهم فانهزمت عساكر العادل وخرج أهل القلعة فأوقعوا بعسكر الكامل ابنه فرحلوا جميعا منهزمين ونزل حسام الدين بولق إلى نور الدين ولقيه وشكر وعاد ونزل نور الدين على دبيس ثم رحل عنها قاصدا حوران كما نذكره في أخبار دولته إن شاء الله تعالى والله أعلم..وفاة بولق وولاية أخيه ارتق. ولما هلك بولق ارسلان نصب لؤلؤ الخادم بعده للملك أخاه الأصغر ناصر الدين ارتق ارسلان بن قطب الدين أبي الغازي ولم يذكر ابن الاثير خبر وفاته أيضا وبقي مملكا في كفالة النقش إلى سنة إحدى وستمائة والله أعلم.
|